في الماضي، كان مفهوم المول بسيطًا وهو عبارة عن وحدات تُعرض للإيجار ومكان يضم متاجر مختلفة تحت سقف واحد، لكن السنوات الأخيرة غيّرت هذه الصورة تمامًا فالمول لم يعد مجرد مبنى تجاري، بل أصبح وجهة متكاملة تقدم تجربة يعيشها الزائر منذ لحظة وصوله وحتى مغادرته.

واليوم لم يعد الهدف من زيارة المول هو التسوق فقط، بل قضاء وقت ممتع والبحث عن مكان مريح يجمع بين الترفيه والراحة والعمل، فالزائر أصبح يبحث عن مساحة يشعر فيها بالترحاب، يجد فيها مكانًا للقاء الأصدقاء، والاسترخاء، وتناول الطعام، إلى جانب التسوق، وهذا ما يدفعه للعودة مرة بعد مرة.
والتصميم المعماري يلعب الدور الأكبر في هذه التجربة الجديدة، حيث أن وجود ساحات مفتوحة، وتراسات واسعة، وأماكن للجلوس والمشي، ومساحات خضراء، كل ذلك يمنح الأفراد فرصة للهروب من ضوضاء المدينة، كما أن وجود خليط متكامل من المحلات والمطاعم والمقاهي والعيادات والمكاتب داخل مشروع واحد يضمن حركة دائمة وحيوية طوال اليوم، وهو ما ينعكس بالإيجاب على جميع المستأجرين.
الأمر لا يتوقف عند الشكل فقط، بل يمتد إلى التفاصيل الصغيرة التي تصنع فارقًا كبيرًا، حيث أن وجود مواقف سيارات منظمة، وأنظمة مراقبة حديثة، ولافتات واضحة داخل المول تسهّل الحركة، وخدمة إنترنت مجانية، ومسارات مدروسة تجعل التنقل داخل المول أكثر سلاسة، كل هذه العناصر قد تبدو ثانوية، لكنها هي ما يكون الانطباع العام ويجعل الزائر يرغب في تكرار التجربة.
بذلك فإن نجاح المراكز التجارية في المستقبل لن يُقاس بعدد الوحدات المؤجرة، بل بقيمة التجربة التي تقدمها لزوارها، فالمولات التي تستطيع بناء علاقة وجدانية مع عملائها، وتوفر لهم بيئة مريحة مليئة باللحظات المميزة، هي التي ستنجح في الصمود والتفوق وسط المنافسة المتزايدة.